الخوف عند البعض إن لم نقل عند الأغلبية جبن وضعف، وحاجز دون تحقيق الكثير من الأهداف، فيما يعتبره آخرون شجاعة وحكمة.
بنسب متفاوتة خفنا أكثر من مرة في حياتنا، من المستقبل، من الفشل، من الاحباط، من انقطاع الرزق، من المرض، من المقربين، من الأعداء، من مخلوقات أخرى….
حين قال أبو القاسم الشابي “ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ”، كانت دعوته واضحة إلى التحلي بروح الشجاعة لتحقيق النجاح، لكن المتنبي جعل الشجاعة في المرتبة الثانية حين قال: “الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني”.
الخوف في بعض الأحيان اشارة لتوقع أمر غير طبيعي، وهو ما وقع لنبي الله يعقوب حين خاف على يوسف من اخوته، وقال لهم “أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ”، أصعب خوف، الخوف من المقربين.
عدم الخوف قد يسبب كوارث رهيبة، فمن يقود السيارة بسرعة جنونية قد ينهي حياته وحياة الآخرين بسبب التهور والشجاعة الزائدة، وهو ما يؤكده المثل الشعبي المغربي الذي يقول “لي خاف نجا”.
في الثقافة الدينية الخوف يزيل الخوف، فالخوف من الله يمنح الطمأنينة والشجاعة للإنسان، ويزيل عنه الخوف من كل مصاعب الحياة ومشاكلها،
في القرآن الكريم: “فمن تبع هداي فلا خوف عليهم”، وأيضا: “وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ”، وقال سبحانه وتعالى أيضا: “أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”، والأمثلة من الآيات كثيرة.
الخوف أيضا قد يؤدي إلى الإحباط ان تجاوز الحد المنطقي، كما قد يؤدي إلى خوف مرضي وهو ما يعرف بالفوبيا في علم النفس، فقال أحدهم: “لا داعي للخوف من صوت الرصاص لان الرصاصة التي ستقتلك لن تسمعها”، اشارة الى الدواء المناسب للخوف.
الخوف سبيل للاحترام، فيخاف الانسان من جرح أصدقائه، أسرته، اخوته…، فيلتجئ إلى التعامل بلباقة ليس ضعفا ولكن حكمة واستحياء، فالخوف لا يغير دائما من مكانة وقدر الانسان، العظماء خافوا على مر التاريخ.