من منا لم يذق مرارة لسان أحدهم، ومن منا لم يذق سُمّ لسانه آخرون، فينام أحدهم كئيبا وهو كظيم من وقع كلمة خرجت سهما قاتلا من لسان بعضهم، خلفت في القلب مرارة وقسوة.
جُرْح السيف تدمله فيبـرى.. ويبقى الدهر ما جرح اللسان، هكذا صور الشاعر يعقوب الحمدوني خطورة الكلمة السامة وجعلها أخطر من جراحات السيوف، فالأخيرة تُشفى، والثانية تترك غصة قد تطول بطول العمر، وقد تجعل إنسانا طريح الفراش.
الكلمة فن، علم، مشروع حياة، رحلة عمر…هناك من عاش زمنا طويلا ليعوض نقصا بسبب كلمة سمعها يوما ما…
الكلمات تخرب العلاقات، بين صديقين، أسرتين، عائلتين، دولتين، وقد تحول إنسانا إلى وحش ضار، لا سبيل له إلا الانتقام…
بالكلمة يفر كثيرون إلى الأمام حين يتألم الأنا…
“الكلمة لا تموت تختبئ في قلوبنا. وكلما حاولنا أن نلفظها تبدلت أصواتنا كأن الهواء لم يتم استعداده لتلقي نبراتها” تقول الكاتبة والأديبة “مي زيادة”، وتضيف أحلام مستغانمي “الكلمة كالطّلقة لا تُسترد”.
للكلمة الحرة ضريبة غالية ويسمى من مات بسبب رأيه بشهيد الكلمة.
كلمة جارحة في مونديال 2006 من الإيطالي ماتيرازي لعملاق الكرة الفرنسية زين الدين زيدان أخرجت هذا الأخير عن صوابه بالنطحة الشهيرة التي دخل بها التاريخ.
الكلمة الفظة تشتت الشمل وتنفر الناس، فقال الله سبحانه وتعالى ” وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”، وقال سبحانه وتعالى أيضا ” كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ” وفي الحديث “.. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ”.
الكلمة الخبيثة مقيتة في اخلاقنا الاسلامية لهذا حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكلمة الطيبة ووصفها بالصدقة.
الكلمات حِربائيّة تتغير بتغير الخطاب، بتغير الزمان، بتغير الأشخاص، بتغير المصالح، وحتى في ثقافة المغاربة الشعبية حينما يتعلق الأمر بزلة اللسان يقولون “اللّْسان ما فيهْ عظم”.