كتب أحدهم تاريخا أسودا قبل أن ينجح، فسار آخر على دربه قبل خيبة أمل سيتذكر بعدها مقولة لم يعر لها أي اهتمام حين قال قائل “ليس كل ما يلمع دهبا”.
بعضهم يعاني ثقبا في الذاكرة يجعلون من نزواتهم الفكرية مقاطع غنائية، ثم يطلبون أن نرقص على أنغامها كلما دفعتهم نزواتهم لذلك،
في يوم ما وفي مكان وحسب نزواتهم يقنعوك بشيء ما، فينام أحدهم ويستيقظ مناضلا أو زعيما أو نبيا، ضاربا عرض الحائط ما تحفظه الذاكرة من كوارث كان سببا رئيسيا في حدوثها أو على الأقل التأشير عليها.
إن أقل ما يفعله أعداؤك من بعض الحاقدين والحساد والعياذ بالله هو التشكل في كيانات صغيرة نتيجة للخواء الفكري وبعض الأمراض النفسية والمكبوتات الناتجة عن التغذية الراجعة من زمن طفولتهم الكئيب، حفظنا الله وحفظكم من شر هذه الموبقات.
والمثير أن هذه الكيانات لا وطن لها فتٌألِف عنك القصص في المقاهي والزقاق والحانات والساحات وغرف النوم وأثناء تأدية فواتير الماء والكهرباء وفي المراحيض ومواقع التواصل الاجتماعي، …وحتى في النوم …أحلامهم أنت.
لم يسلم منهم لا الصغير ولا الكبير ولا النساء ولا الرجال ولا الحيوانات بجميع أشكالها، وحتى الأشياء الثابتة التي لا تتحرك لم تسلم من افترائهم وانتقادهم، بل حتى هم أنفسهم لم يسلموا من بعضهم البعض.
كشفت اليوم التكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال، عن فئة عريضة من المجتمع، تفضل متابعة الفضائح بجميع أشكالها، وتبحث عن كل ما يتعلق بـ “الشوهة”، وتستهزئ بالضعفاء والأقوياء، بالفقراء والأغنياء، تتابع بشكل منتظم كل ما هو رديء، فلا تتعجبوا إذا صادفتم تدوينة دون المستوى مرفقة بآلاف “اللايكات” ومئات التعاليق.
في الوقت الذي تظهر فيه هفواتك وأخطاءك، هناك أشخاص يشجعونك ويبعثون فيك أمل الوقوف ثم الاستمرار، وهناك آخرون فرحون وشامتون مترصدون أخطائك وهفواتك للنيل منك وإعلان اندحارك، محركهم الجهل والحقد والحسد، سامحهم الله وأعادهم إلى رشدهم.
في الوقت الذي تجتهد لتتقدم خطوة إلى الأمام، آخرون يحاولون إزاحتك خطوتين إلى الوراء…إنه فن الرقص على جراحات الآخرين.
عندما يقع إنسان في ورطة كيفما كان مخطئ أو غير مخطئ، من المشاهير أو الأغنياء أو الفقراء أو من أي فئة، فإن الصحيح هو الدعاء له بالفرج وترك القدر ينصفه أو لا ينصفه، عوض التشفي والشماتة.
كفانا صراعات، لنجرب ان نحب بعضنا، نقبل بعضنا، نعفو عن بعضنا، نشكر كل من بادر وابتكر واجتهد سواء أخطأ او اصاب، لنتجاوز عن بعضنا زلاتنا، لنركز على الاهداف المشتركة النبيلة التي تجمعنا ولا نلتفت للهفوات البسيطة والتفاصيل الملغومة، لنعطر الجو السلبي بعطر التسامح والمودة.
اعلم أن كل ما تكتبه، أو تشاركه، أو تعجب به، إلا لديه رقيب عتيد، يقول قائل:
“تنامُ عَيْنُكَ والمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ…. يدعوا عليك وعين الله لم تنم”.